هذه رؤيتي للمشكلة وهذه حلولي المقترحة

تخيل انك اقمت فندقاً ضخماً بمواصفات عالمية، و انفقت عليه المليارات، وزينته بأرقى الديكورات، وعلاوة على ذلك، تنفق الملايين لصيانته سنويا و تجيهزه للزوار والنزلاء. لكن في نفس الوقت وعلى الرغم من كل هذه العناية الفائقة،  اخفقت في ارغام العملاء على اتباع قوانين الفندق وكذلك اهملت بعض الاشياء الضرورية، فتركت بعض العملاء ينامون في اسياب الفندق وممراته، ولم تعتني بدورات المياه حتى اصبح بعضها غير لائق للإستخدام لشدة قذارته، وغضيت النظر عن القاذورات التي يخلفها بعض العملاء ردهات الفندق وساحاته وممراته ، كذلك فشلت في تنظيم السير في مواقف الفندق … مالذي سيحصل؟ بالتأكيد انك ستصبح كمن لم يقم بأي جهد للإعتناء بنزلاء الفندق و كأنك لم تنفق ريال واحد!!  وهذا بالضبط ما يحصل في مكة المكرمة للأسف في موسم الحج ويتكرر كل عام.

من خلال ماشاهدته العام الماضي في موسم الحج، ومن خلال مايرويه الحجاج كل عام، استطيع القول ان كل الجهود والاموال على الرغم من ضخامتها واخلاص القائمين عليها تذهب ادراج الرياح بسبب بعض الاخطاء او التجاوزات او المخالفات التي من المفترض ان نكون قد تجاوزناها واوجدنا الحلول المناسبة لها بسبب الادارة السنوية للحج منذ نشوء الدولة السعودية.

لعل من ابرز المشاكل والملاحظات هي:

– الاختناقات المرورية وتوقف الطرقات بشكل تام لعدة ساعات بين المشاعر وهي مشكلة كبيرة جدا تتسبب في افساد حج البعض

– دورات المياة معظمها غير لائقة ابداً في المشاعر المقدسة خصوصا في منى حتى اصبحت هماً يؤرق الكثير من الحجاج

– الافتراش و قذارة الطرقات في منى والمشاعر المقدسة على الرغم من الجهود المبذولة لتنظيف تلك الاماكن

–  الغياب التام لمسألة سلامة الحجاج فيما يتعلق بوسائل النقل

حل هذه المشاكل صعب نوعاً ما لكن ليس مستحيل، خصوصا لو طبقت حلول بطرق حديثة وعلمية وليست محاولة تطبيق حلول قديمة كماهو متبع الآن. لعلي اطرح رؤيتي لطريقة حل بعض المشاكل  وان كانت قاصرة بعض الشيئ ولكن هذا ما اراه من خلال تجربة الحج العام الماضي

ففيما يتعلق بمشكلة المرور، حلها هو بناء نظام نقل متكامل  بين مكة ومنى وعرفات ومزدلفة وتقسيم الطرق وتخصيص بعضها للقطارات وبعضها لللباصات صغيره وكبيرة و كذلك تخصيص طرق اخرى للسيارات الصغيرة و تخصص اخرى للدبابات و الدبابات التي تحمل عربات مثل التي تستخدم في دول شرق آسيا مع تخصيص اماكن واسعة للمشاة في كل الطرقات، هذه الاماكن غائبة تماما عن الطرق في المشاعر المقدسة حيث ان الناس يمشون بين السيارات لضيق الارصفة… طبعاً انشاء هذا النظام كان من المفترض ان يتم تشييده منذ زمن ولكن ان تصل اخيرا خير من ان لاتصل ابداً

اما مشكلة نظافة دورات المياة فحلها بتخصيص عمال نظافة بعدد كافي ومراقبين ولا يمنع من اجبار الحاج على دفع مبلغ بسيط كتأمين نظافة يدفعه قبل استخدام الدورة ويعاد له في حال خروجه من الدورة وهي في نفس الحالة النظيفة، ونفس الشيء ينطبق على نظافة الشوارع أي تخصيص عدد كافي من عمال النظافة والمراقبين ودفع الحاج لمبلغ تأمين نظافة عند استخراج التأشيرة يرد له عند خروجه من المملكة في حال عدم تسجيله اي مخالفة نظافة اثناء فترة الحج وحجاج الداخل تسجل مخالفاتهم على سجلاتهم المدنية او اقاماتهم.

وبالنسبة لمشكلة الافتراش، هذي مشكلة عويصة وتطبيق “لمن استطاع اليه سبيلا” كفيل بإنهاء هذه المشكلة، اي من لايستطيع توفير مكان يبيت فيه غير الطرقات يمنع من الحج، او تخصيص اماكن بعيدة عن الطرقات مخصصة للإفتراش.

وبالنسبة لآخر نقطة، انزال اقسى العقوبات على من يقوم بنقل الحجاج بوسائل غير آمنه هو افضل حل، اتذكر انني اضطريت كغيري من الحجاج للركوب فوق احد الباصات مع عدد من الحجاج وفي الطريق رأيت احد الحجاج يسقط من اعلى الباص باتجاه المقدمة ثم على الارض بسبب فرامل بسيطة!!  كل ذلك بسبب غباء نظام النقل الذي طبق العام الماضي لأنهم خصصوا باصات نقل عام تنقل الحجاج من مزدلفة الى الجمرات مرورا بوسط منى، ومن يسكن بوسط منى عليه الذهاب الى مزدلفة مشياً على الاقدام لإستخدام الباص والذهاب الى الجمرات ونفس الشيء من الجمرات الى الحرم نشاهد الباصات مليئة بالحجاج ونسأل اين تباع التذاكر واين اماكن الاركاب ولكن لايوجد احد يجيب حتى قائدي الباصات لايدون عليك !!  وكذلك ركوب الدبابات وهي “تخوطف” بين السيارات وعكس الطرق وكل ذلك يتم على مرأى ومسمع من رجال المرور !! تصدقون ركبنا  على ظهر شاحنة (دينا)  اعدت بشكل بدائي لنقل الحجاج، هذه الشاحنة كانت مخصصه لنقل البهائم حيث وجدنا مخلفات البهائم وبعض (الزت) فيها 🙂 طبعا صاحب الشاحنة لم يفوت الفرصة فترك بهائمة لينقل الحجاج بدلا عنهم … استغفر الله بس

طبعاً ما تقدم لاينفي النجاح الكبير و الجهود الضخمة التي بذلت في موسم الحج الماضي كتنظيم رمي الجمرات الذي اثبت ان لكل مشكلة لابد من حل، كما لا انفي مايبذله الجنود والعسكر على الارض من توجيه وخدمة للحجاج، لكن كما قلت كل تلك الجهود تضيع بسبب بعض التجاوزات.

وفي النهاية لا يسعني الا ان ادعوا الله ان يمن على الحجاج هذا العام بحج مبرور وذنب مغفور، واتمنى من الله ان يكون هذا الحج كسابقة خالي من الحوادث.

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال.

9 تعليقات

  1. أشكرك على إثارة هذه النقاط المهمة للغاية … لأنني أشعر بالأسف عندما أرى الأخطاء تتكرر كل عام بدون حل !!.
    أظن أن الأوضاع ستأخذ في التحسن تدريجياً ، فبعد حل المشكلة الرئيسية حلاً نهائيا خلال العامين الماضيين (اقصد مشكلة الجمرات) … تبقى أمامنا المشاكل الأخرى التي يتوجب حلها.
    أعتقد أن أهم نقطة لم تذكرها هي مشكلة الازدحام في الطواف ، وهي في وجهة نظري أولى المواضيع بالاهتمام الآن.
    تحدثت عن مشكلة التنظيم المروري وأرى أن الحل الأمثل مما ذكرت هو إنشاء شبكة قطارات متطورة تضمن نقل “كل” الحجاج بسرعة فائقة بين المشاعر … لأن المسافات بين المشاعر أصغر من تخصيص المزيد من الطرق!
    لا أظن أن هناك طريقة لضمان نظافة دورات المياه !! كما أن تخصيص عدد أكبر من عمال النظافة حل غير مجدي من وجهة نظري ، أعتقد أن الخطوات التي تحصل الآن من بناء للفنادق في منى سيحل الكثير من هذه الإشكالات.
    أما الافتراش فهي مشكلة عويصة كما قلت !! فأنت لا تسطيع منع أي مسلم من الحج.
    في النهاية أحب أن أشكرك على إثارة هذا الموضوع المهم للغاية وعلى هذه الأفكار جعلها الله في ميزان حسناتك.

  2. حلول منطقيه وواقعيه … ولا مانع من فتح الباب للشركات العالميه المتخصصه في تنظيم المناسبات الكبرى مثل كاس العالم وغيره واخذ الخبره منهم … فالبعض يقول بأننا نحن اكثر ناس لديهم خبره في امور الازدحام … وانا اقول ان هذا من المفروض … ولكن الواقع يقول ان هناك عشوائيه كبيره في القرارات ….

    وعلى سبيل المثال اليابان … في الصباح الباكر يتوجه الملايين الى محطه القطار والمترو وسط تنظيم كبير وتصاميم خاصه لتفادي الازدحامات … واحد من الشباب كان في اليابان … يقول كنت اروح للمحطه الصباح واركب القطار واروح وارجع وفيه زحمه بسيطه … يقول ما دريت ان اللي يمرون المحطه عددهم فوق المليون الى من الاخبار … ولا انا في وسط الزحمه ماكان واضح هالعدد …

    وبالنسبه للقطارات … فلقد تكفل بها تاجر امريكي من مصري على ما اظن … وهو مسلم ولكن تم رفض عرضه … من باب النحاسه الظاهر … لاهم اللي مسوين ولا مخلين غيرهم …

    ويمكن انهم الى الآن يعملون دراسة جدوى على هذا الاختراع الجديد المسمى قطار 🙂

    وشكراً على هالموضوع

  3. حلول جيدة واقعية وسهلة التنفيذ
    أعتقد أن هذه السنة يوجد نقلة نوعية من حيث التنظيم

  4. والله تميم على مشكلة الاختناقات المرورية احنا رحنا في حملة 5 نجوم ..
    كل شي تمام حتى دورات المياه !! الحمد لله كل شي متوفر ..
    بس جات المشكلة اللي الحملة ما تقدر تحلها .. المرور … المشوار من عرفة لمزدلفة اخذ من المغرب الى الساعة 12 ونهايتها بتنا في الارض على حدود مزدلفة مع ان الحملة عندها مخيم في مزدلغة …
    والناس اللي ما عندهم تصاريح يمشو على رجولهم وصلو لمزدلفة في ساعة !!
    واحسن حل سويناه في التنقل من منى الى مكة اننا ركبنا ورا واحد في دباب الشخص يمكن ب200 ريال ويوصلك في 10 دقايق وباصات الحملة توصلك في 6 ساعات !!

  5. ZAK
    مثلك تماماً، انا متعشم في خالد الفيصل امير مكة خير، معروف عنه شدته و صرامته وهو ماتتطلبة منطقة مثل مكة المكرمة،
    بالنسبة للإفتراش، هو صحيح المفروض مايمنع اي حاج، لكن الوقت يتغير و العدد يزيد ولازم يكون فيه تشديد ومنع بعض المظاهر اللي تظر الحجاج انفسهم تتطلب قرارات جريئة وقوية وصعبة.
    شكرا لك

    @@@
    ابراهيم القحطاني
    صدقت ، المفروض اننا من يعطي العالم دورات ومن يفيدهم حول موضوع ادارة الزحام ، يعني من كم سنة ونحن مسؤولين عن تنظيم الحج،
    وبالنسبة للقطارات ، ما دمرنا الى قصر النظر و النحاسة مثل ماقلت
    يعطيك العافية

    @@@

    مساعد\انشاء الله
    شكرالك

    @@@

    شارع العروبة
    احنا رحنا مع حملة “رصيف الرحمن” مشوارنا من عرفة لمزدلفة ما اخذ ولانصف ساعة الحمدلله ببب خبرة امير الرحلة، وبعض معارفنا اللي فحملات “5نجوم” ماوصلو الا على الفجرية … تخيل؟ والسبب فشل خطة تنظيم المرور
    اما بالنسبة للدبابات استخدمناها من الجمرات للحرم .. الرحلة كانت سريعة اختصرنا يمكن 6 ساعات في ثلث ساعة … لكنها كانت رحلة خطيرة جدا … الدباب كان يسير بسرعة و يشطف الباصات و السيارات ، يعني لو دقشه صغيره ركبتي راح تروح فيها!

    الله يعين ويعطيك العافية

  6. […] رائع على الرغم من استمرار بعض الاخطاء التي ذكرتها في تدوينة سابقة، ورجال الامن كانوا قمة في التعامل مع الحجاج ..الله […]

أضف تعليق